كشفت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في مذكرتها حول مشروع القانون رقم 026.25 المثير للجدل والمتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، عن اختلالات اعتبرتها عميقة وجوهرية، تمس جوهر التنظيم الذاتي للمهنة وتتناقض مع المبادئ الدستورية والمرجعيات الحقوقية الدولية.
وأكدت المنظمة في مذكرتها اطلع عليها موقع “الشمال24″، أن مشروع القانون في صيغته الحالية لا يكرس حرية الصحافة كحق أساسي، ولا يحصن استقلالية الجسم الصحفي عن السلطة التنفيذية أو النفوذ السياسي والاقتصادي، مشددة على أن التنظيم الذاتي يجب أن يكون وسيلة لتعزيز الأخلاقيات المهنية وليس أداة رقابية أو زجرية.
وأضافت أن المادة الخامسة من المشروع تكرس اختلالا واضحا في التوازن التمثيلي داخل المجلس الوطني للصحافة، من خلال ترجيح كفة الناشرين على حساب الصحافيين المهنيين، وتشكل تراجعا صريحا عن مبدأ المناصفة المنصوص عليه في الفصل التاسع عشر من الدستور، مبرزة أن المشروع يكتفي بتمثيلية ثلاث صحافيات ضمن فئة الصحافيين المهنيين، دون أي التزام مماثل في فئة الناشرين، مما يعكس تراجعا عن مكتسبات سابقة.
وانتقدت المنظمة اعتماد الانتداب في تمثيلية الناشرين، مقابل الانتخابات بالنسبة للصحافيين، وهو ما اعتبرته ازدواجية في المعايير تخل بمبدأ العدالة التمثيلية، مسجلة تغييب عدد من مكونات المجتمع المدني التي كانت ممثلة في النسخة الحالية من القانون، كاتحاد كتاب المغرب وجمعية هيئات المحامين، ما يضعف التعدد داخل تركيبة المجلس.
وأكدت المذكرة أن المشروع يتضمن مقتضيات تهدد استقلالية المجلس، وخاصة ما ورد في المادة السادسة التي تمنح للحكومة حق تعيين مندوب لها داخل المجلس بصيغة استشارية.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن هذا المقتضى يحمل في طياته نزعة للوصاية، داعية إلى حذفه بالكامل، إذ أن مهام التنسيق يمكن أن يقوم بها رئيس المجلس دون حاجة لأي تدخل حكومي.
وعلى مستوى الصلاحيات، أضافت المنظمة أن المشروع يمنح المجلس الوطني للصحافة سلطات تأديبية وزجرية واسعة، تركز أساسا على معاقبة الصحافيين المهنيين دون تحميل المؤسسات الإعلامية أي مسؤولية موازية، من خلال التنصيص على سحب بطاقة الصحافة لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات، دون ضمانات كافية للطعن أو المحاكمة العادلة.
وسجلت المنظمة حذف المشروع للعقوبات المالية ووقف الدعم المؤسسي التي كانت موجودة في القانون الحالي، مما يجعل الصحافي الفردي هو الهدف الأول للعقوبات، في غياب أي توازن أو توزيع عادل للمسؤولية بين الأفراد والمؤسسات.
وبخصوص التقارير السنوية، كشفت المنظمة أن النص لا يلزم المجلس بنشر تقاريره ولا بإحالتها على البرلمان، مكتفيا بإرسال نسخة إلى رئيس الحكومة، وهو ما اعتبرته المنظمة مساسا بمبدأ الشفافية وتضييقا على دور المؤسسات الرقابية، مطالبة بالتنصيص على إلزامية النشر والإحالة على السلطة التشريعية.
ودعت المنظمة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان، إلى مراجعة شاملة لمشروع القانون، وفتح نقاش وطني موسع يشمل الصحافيين والمهنيين ومكونات المجتمع المدني، بهدف صياغة قانون يرسخ استقلالية المجلس الوطني للصحافة، ويضمن عدالة التمثيل، ويحترم حرية التعبير وحقوق الإنسان في بعدها المهني والدستوري.
التعليقات مغلقة.